مع عالم الجزائر…حوار مع الأستاذ ناصر الدين سعيدوني

بومحمد جمال الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

في أول جمعة تُقام في مسجد كتشاوة بالجزائر العاصمة غداة استقلال الجزائر، وفي مشهد جليل يجعل علم النجمة والهلال شامخاً ويجعل خفقانه مقروناً بنداء: « الله أكبر » في فرحة مضاعفة باستقلال الأوطان والوجدان بعد أن تجسد هتاف الجموع:  » يا محمد مبروك عليك والجزائر رجعت ليك .. » بحقٍّ في عودة ذلك المسجد إلى التوحيد غلابا بعد أن أخذه دعاة الصليب استلابا، في هذا المشهد الجليل وقف علّامة الجزائر ورائد الإصلاح  و إمام البيان الشيخ محمد البشير الإبراهيمي خطيباً على المنبر فكان من أول ما قال : » سبحانه وتعالى جعل السيف فرقاناً بين الحق و الباطل، وأنتج من المتضادات أضدادها، فأخرج القوة من الضعف، وولد الحرية من العبودية، وجعل الموت طريقاً إلى الحياة، وما أعذب الموت إذا كان للحياة طريقا… » وما أبلغ التاريخ حين يحاكي هذه العبارة البليغة، وما أعدله وهو يجسد سنن الله في الآفاق فيبعث في الشعوب المستضعفة روح الثورة وعنفوان المجد فتكون ثورتها إخراجاً للحيِّ من الميت، وهذا ما نطق به الفيلسوف الألماني هيجل إذ قال :«  تَخرج الشعوب ملطَّخةً بالدماء من رحم التاريخ، كما يخرج المولود ملطَّخاً بالدماء من بطن أمّه » .. وإنفاذا للسُّنن والنواميس كذلك؛ يُخرج الميت من الحيّ، فدونك الأكاسرة الجبابرة الذين شادوا الحضارات وقد اندثروا وصاروا أساطير وحكايات في غياهب التاريخ تُروى ولا تُرى … فبالتاريخ تعرف الأمم ذاتها وبه تستدعي مجدها، وبه تستكمل رسالة أسلافها، والذي يفقد صلته بتاريخه يفقد أسباب الوجود ودوافع المقاومة ومقومات الحضارة.. ولهذا دأب المستكبرون قديماً وحديثاً على تشويه التاريخ وتزييف حقائقه ليُصَيِّروا بذلك الباطل حقاً، والأبطال خونة، والأرض المنهوبة بغير حقٍّ حقّاً تاريخياً و إرثاً مسترجعاً، بل الأدهى و الأمرّ من تزوير التاريخ سَلبُه؛ فتصبح الأمم الأصيلة أمما غير موجودة إلا بفعل الاستعمار وتصبح الأرض العامرة جرداء غير مأهولة؛ لا شعبَ فيها …

 وقد قيل قديما :

وظُلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً…

فقد أضحت هذه الأطروحات الكولونيالية التي تجعل الجزائر أمة لم توجد، وتنال من رموزها  التاريخية، وتساوي بين الفاتح  والمستعمر، وبين اللغة الأصيلة واللغة الدخيلة، تجد من يروج لها من بني جلدتنا من المسحورين والمأجورين… ولهذا كان التاريخ ثغر مرابطة يقف  عليه العلماء العاملون والمثقفون الصادقون في انتمائهم المخلصون لوطنهم المتيقظون لمكائد الأعداء بأمتهم الدّارسون لواقعهم حق الدراسة والواعون بمسؤوليتهم التاريخية والحضارية…

ومن هؤلاء المرابطين أستاذنا الدكتور ناصر الدين سعيدوني: خريح المعهد الباديسي والشاهد على ثورة التحرير وتلميذ شيخ المؤرخين –أبو القاسم سعد الله- ورائد الدراسات العثمانية في الجزائر و المتوَّجُ مؤخراً عن جدارة واستحقاق بوسام العالم الجزائري… صاحب المؤلفات العديدة عن تاريخ الجزائر في مختلف عصورها، والأستاذ الزائر في كبرى الجامعات العالمية مشرقاً ومغرباً،صاحب مشروع موسوعة المعارف الجزائرية، و الساعي إلى تحرير الأذهان والوجدان بعد تحرير الأبدان من خلال توطين مدرسة جزائرية أصيلة في التاريخ والثقافة عريقةٍ في انتماءها ومشتبكة مع واقعها، متجاوزة لولع المغلوب بتقليد الغالب في قراءة التاريخ بنظرة استشراقية إثنوغرافية… بربريُّ الأصل، مسلمُ العقيدة، وطنيُ الروح وعربيُّ الثقافة واللسان…

كان لنا الشرف أن استقبلنا ببيته العامر بأعالي العاصمة في الذكرى الستين لعيد النصر 19 مارس  حيث أجرينا معه هذا الحوار الشيق الذي صال وجال فيه بنا في عوالم المعرفة وعواصم العالم وأعلام الفكر والسياسة وبطون الكتب…

ولا يفوتني هنا  أن أخص بالشكر كلاًّ من الزملاء : خالد سعيدوني وفارس رجيمي ومحمد نزيه  قويدرات الذين لولاهم لما كان لهذا الحوار أن يتم.

لقراءة المقال كاملًا، يُرجى تتبع الرابط التالي:

https://drive.google.com/file/d/1DPnPWBwNF2062YRZWvE985Hk4ZewpUWL/view