ثورة النخب وخيانة الديموقراطية

كريستوفر لاش

نوري هاجر

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة

إنَّ السّلام العظيم الذي اتَّجهت نحوه قلوب الخَيِّرين من البشر عبر القرون، وتَغَنَّى به ذَوو البصيرة والشّعراء في رؤاهم جيلاً بعد جيل، ووعدت به الكتب المقدًّسة للبشر على الدّوام عصراً بعد عصر، إنًّ هذا السّلام العظيم هو الآن وبعد طول وقت في متناول أيدي أمم الأرض وشعوبها. فلأوّل مرّة في التّاريخ أصبح في إمكان كلّ إنسان أن يتطلّع بمنظارٍ واحد إلى هذا الكوكب الأرضيّ بأسره بكلّ ما يحتوي من شعوب متعدِّدة مختلفة الألوان والأجناس. والسّلام العالميّ ليس ممكناً وحسب، بل إِنّه أمر لا بدَّ أن يتحقّق، والدّخول فيه يمثِّل المرحلة التّالية من مراحل التّطوّر التي مرَّ بها هذا الكوكب الأرضيّ  بيت العدل الأعظم.

سلام عالمي، نهاية للصراعات، ووعود باستقرار اجتماعي…ما وقع خطاب التزييف على النفوس الحرة؟ لعله يلقي فيها ”ثورة“.

في سنة 1969، يقدم لنا الكاتب والمؤرخ الأمريكي، أستاذ التاريخ في جامعة روشستر، “كريستوفر لاش”، آخر أعماله قبل أن يرحل عن عالمنا، حاول من خلاله تقديم قراءة موسّعة في مفهوم الثورة عبر التاريخ، وأهم تحوّلاتها من خلال فهم البيئة الاقتصادية والاجتماعية، وحتى الجغرافية لعدد من ثورات القرن العشرين.

غير أن مؤلفات هذا الناقذ اللاذع لم تلق اهتماما بالغا آن ذاك، ولعل أهم سبيين هما، الصورة النمطية التي توسمت بها الثورات عموما و “ثورة الجماهير” خصوصا، ولذلك خلفية متعلّقة بما وصفت به الثورة الفرنسية نهاية القرن الثامن عشر، من فوضى وانقلابات، والتي كان مردّها أن الكُتّاب والمؤرّخين والفنانين كانوا في ذلك الوقت مرتبطين في الغالب بالأُسر الحاكمة في ألمانيا والنمسا وبريطانيا وهولندا وغيرها، وبالتالي اتّسمت مقولاتهم بما لهذه الأسر من انتظارات وترقّبات.

أما السبب الثاني فيرجع للاعتقاد الذي سعت الولايات المتحدة الأمريكية لترسيخه أواخر التسعينات، وهو أن العالم على أبواب مرحلة السلام العالمي، يودع آخر ثورات شرق أوروبا،  موليا وجهه شطر الرفاه الإقتصادي في ظل الرأسمالية، والرفاه السياسي في كنف الديمقراطية..

غير أن التاريخ كذّب كل هذه التوقعات، فقد انفجرت ثورات عديدة اعتبرت في البداية مجرّد استثناءات بعيدة عن الغرب، لكن وصول موجات الاحتجاج إلى بلدان مثل إسبانيا وفرنسا ثم الولايات المتحدة، جعل كثيرين يشكّكون في المقولات التي استند إليها الزمن العولمي منذ سقوط جدار برلين، ومن هنا بدأت العودة إلى كتاب لاش الأخير.

وباستقلالية فكرية لامعة يسير لاش عكس تيار التحليلات السائدة في عصره، متسائلا حول هذا التقبل الغريب للكوارث البيئية والإنسانية والأخلاقية الواضحة الناجمة عن الرأسمالية المعولمة، فهل صار تخيلنا؛ وفق تعبير فريدريك جيمسون ؛ “ لنهاية العالم أسهل من تخيلنا لنهاية الرأسمالية ”؟

 في سعي حثيث لرصد الوهن الذي أصاب النظام الإجتماعي وتتبع مصدر التهديد الذي يقف دون استقراره، ينطلق الكاتب “كريستوفر لاش”  من سياقين مختلفين، سياق تحليلي للواقع، يركز فيه على تأثر مفاهيم محورية مثل :الأمة_الدولة، النخب، حركة الأموال…الخ، بالتغيرات الإيديولوجية في عصره. وآخر تاريخي تتبع فيه التخبط المجتمعي وأسبابه خاصة عند أورتيغا إي غاست.

وعلى اختلاف المشربين، مالبث أن التقى سياقاه في نقطة اشتباك تمخضت على اثرها فكرة “تمرد النخب”.

السياق التاريخي

في لحظة قلق متزايد على مستقبل العلاقات الدولية بعد انتصار البلاشفة في روسيا، وانتشار شعارات الفاشية الإيطالية وصعود الشيوعية والحركات النقابية والقومية الوطنية، وتفشي بوادر ثقافة شعبوية مستهلكة، تلوح بعض سمات العصر الرئيسية للحياة الحديثة التي نعرفها اليوم، لكنها بقيت حبيسة حدس بعض المفكرين أمثال أورتيغا.  ضمن هذا السياق التاريخي، وضع الفيلسوف الإيطالي خوسيه أورتيغا إي غاسيت مفهوم “الحشود” منتقدا به هذه الظاهرة بناءً على فكرة الدفاع عن الفرد الذي تتعرض استقلاليته للتهديد (بل للتدمير حتى) ومحاولا تجلية التعارض الواقع بين مفهومي “الحشود” و“الطبقات الاجتماعية – (خاصة إذا ما قورِن بالتعريف الذي وضعته الشيوعية الماركسية‌).

ثورة الجماهير عند أورتيغا

تتميز ثورة الجماهير عند أورتيغا بخصائص ثلاث: (التجمع، الوعي التاريخي، المعاصرة).

Agglomération – أولا، التجمع

الجماهير لفظ من علم الإجتماع الدينامي، يعبر عن الناس من حيث كونهم ظاهـرة كمية مرئية. يقصـد أورتيغا بواقعة التجمهر الجمـاعـات الكمية المتراصة التي يتم التبادل بينها بلا تفرُّد أو خصوصية.

 ثانياً، الوعي التاريخي

ييصور أورتيغا الصراع بين الصّفوة والجماهير جدلا هيغليا شبيها بجدلية العبد والسيد، تحاول الجماهير فيه القيام بنفس الدور الحيوي والمحوري الذي كان حكرا على الصـفـوة المختارة من قبل، وهي بهذا تتمرد على النظام الاجتماعي التراتبي وتسعى للعب دور الصفوة عن طريق تحرُر الإنسان العادي وشعـوره بشخصيته المستقلة. يخشى الديموقراطيـون نتائج هذا التحرر بعد أن أصبح عبد الأمس سيـد اليوم، رأى اورتيغا أن عصره كان عصر التسوية1 ، مساواة كل فرد للفرد الآخر، وبعد هذا التحول، أصبح الانسان العادي فاعلا ومؤثراً وهو ما جعله “محور التاريخ” ومن هنا ينطلق في شرح علاقة “الثورة” ب”التاريخ” إذ يؤكد ارتباط ثورة الجماهير بالتاريخ القديم، لأن الثورة في نظره لا تقوم إلا على «العقل التاريخي»، هذا العقل الذي ظهر في القرن الماضي في فلسفات التاريخ والذي عبر عنـه دلتـاي في” فلسفة تصورات العالم”2 “بالعقل الإنساني” بعد أن كان طيلة ثلاثة قرون عقلا رياضياً طبيعياً بيـولوجيـا، فالفرق بين العقلين يقودنا لضبط الفرق بين الرؤيتين التاريخيتين، “التاريخ الطبيعي لا ذاكرة له أما التاريخ الانساني فيعيش في الذاكرة .” أراد أورتيغا بهذه المقدمات (المفاهيمية) تجلية أهم ما تتوسم به ثورات الجماهير مقارنة بغيرها من الثورات، ألا وهو: وعيها التاريخي، فالثورات المنفصلة والتي تكون مبتورة الصلة بتاريخها (الثورة الكمالية في تركيا مثلا) في رأيه ثورات مَرَضية  أو انقلابات عسكرية أو تمرد طبقي.  الثورة هي حركة الجماهير وليست انقطاعا عن الماضي، وهذا أيضاً ما يميز أوروبا باعتبار إرثها الممتد وحِسِّها التاريخي عن أميركا، حيث يشير أورتيغا لقصر نظر السيـاسـة الأميركية بتركيزها على رؤية الحاضر والواقع المباشر وتغييب كل حس تاريخي بحركات الشعوب، “ومن يتصور أن أميركا بلد المستقبل ينسى انعدام حسها التاريخي”.

 ثالثاً، العيش على مستوى العصر

تظهر الجماهير كمبادرة تاريخية بصعودها إلى مستوى الفعل التاريخي، إذا ما تمكنت من العيش على مستـوى أحداث عصرها وشعرت تجاهه بالمسؤولية، تواكب زمـانها الحيوي الذي تشعـر فيـه بتحققهـا وتُعايش مشاكله، أي أنـه زمـان المعاصرة أو بعبارة أخرى العيش في سمت الـزمـان3، دون إلغاء صفتها كجماهير “لقد ورثت الجـماهـير الصفوة دون أن تلغي نفسها كجماهير”. على عكس السقوط أو الانهيار (العيش في العصر الذهبي: وهي الفترة التي يشعر فيها الناس باكتمال الزمان أو انتهائه کما حدث للمسيحيين الأوائل بظهور المسيح أو عند هيجل بتحقق المطلق) إن من يعيش معاصراً -وفق اورتيغا-، هو “من يعيش ثائراً”. أن تتخلى عن عصرك يعني أن تؤثر الدعة والاستكانة، وأن تنزوي في عصرك الخاص هاربا من كل مسؤولية حضارية، كتلك الصورة التي ذكرها اورتيغا، عن علماء بعض البلدان النامية، الذين يختارون العيش في خارج بلدانهم مفضلين “عصر”التكنولوجيا واليسر مقابل عصرهم الحيوي. لذلك كان الالتزام بقضايا العصر في نظره هو العمل الفلسفي الأول، والمساهمة في ثورة الجـماهير هـو السلوك الوحيد الممكن، بل إن وحـدة الثورة العالمية أصبحت ممثلة لحركة الجماهير.

 رابعا، الانسان الجماهيري4: طفل الإنسانية المدلل..

الانسان الجماهيري هو أحد أفراد الجماهير أو الإنسان العامي، إنه إنسان الدهماء، يتكون تكويناً سريعاً، يتكرر باستمرار كنسخة طبق الأصل عن غيره، منفصل عن تاريخه فارغ منه، يتشكل وفق طلبات الأنظمة المهيمنة، طيّع لها، يتمتع بكامل حقوقه ولا واجبات عليه، نجده في المجتمعات المتطورة والنامية على حد سواء. لا تفرُد له ولا كياناً مستقلا، وفي المجتمعات النامية هو أحد أفراد العامة الذين تسيرهم القيادة كما تشاء، تشير له فيصفق، وتشير له ثانيا فيكف.

 فلثورة الجماهير إذن وجهان: وجه انتصار ووجه هزيمة، وجه حياة ووجه موت. تستطيع ثورة الجماهير أن تؤدي إلى تنظيم جديد للإنسانية ولكنها أيضا تستطيع أن توقع النوع الإنساني كله في كارثة.

من ثورة الجماهير إلى انتفاضة النخب

لعل الواقع الثقافي الذي انتمى إليه لاش جعل منطلقه  في توصيف الظاهرة معاكسا  لأورتيغا، إذ أنه سعى لفهم هذا الانتقال من ثورة الجماهير إلى ثورة النخب من خلال رصد مآلات انفجار الحشود الجماهيرية في الحياة الاجتماعية والثقافية، (بدلا عن الواقع السياسي) يرى” لاش” أن الجماهير لم تعد مصدر التهديد الحقيقي للديموقراطية اليوم، إذ أن الخطر انتقل من قاع الهرم الاجتماعي إلى قمته، متمثلا في النخب .يقول في التعريف بالكتاب:  “ في الماضي حَمَّلَ كتاب “تمرد الجماهير” الحشود (أي الطبقات الفقيرة العامة) جريرة تهديد النظام الاجتماعي وقيم الثقافة الغربية المتحضرة. ولكن في وقتنا الراهن يأتي التهديد الرئيس من قمة الهرم الاجتماعي لا من الجماهير. هذا الانعطاف البارز في مجرى الأحداث يفند كل التوقعات ويقلب الافتراضات المعتمدة لحقب من الزمن رأسا على عقب.”

تمتاز النخب الجديدة بصفة كوسموبوليتانية (عالمية) تمد شبكات اتصال على امتداد العالم، ومصالح مشتركة عابرة لكل حدود أو ارتباطات تشدها لأمة أو جغرافية ما. لكن الملاحظ أن تشرنق هذه النخب داخل دوائر مصلحتها ساهم في تقسيم الأمة وتعجيل سقوط الطبقة الوسطى بتعزيز التفاوت بين الطبقات الاجتماعية.

تمرد النخب وخيانة الديمقراطية

إن سطوة النخبة الجديدة تتمثل في سيطرتها على انسياب الأموال والمعلومات، والمؤسسات الكبرى وعلى وسائل إنتاج الثقافة في العالم، وفي ظل الاقتصاد العالمي الذي لا يعرف الحدود (ديناميكية الفرص)، خسر المال صلاته بالقومية، حتى أن النفوذ الذي باتت تكتسبه النخبة المعولمة ذات الثراء الفاحش والتي صارت تسيطر على اقتصاديات العالم الغربي أو على التدفق العالمي للأموال، لم يزدها إلا سعيا محموما نحو الاستزادة من مظاهر الترف، وهي بهذا تتخلى عن الطبقة الوسطى وتزداد تقوقعا داخل أبراجها العاجية، ما أسماه لاش “خيانة النخب للديموقراطية”.

الطبقة الوسطى واضمحلال الحوار الديمقراطي

إن الضمور الذي طال آليات المجتمع ومؤسساته المدنية الساعية بتأثيرها الإيجابي في تقوية التلاحم الاجتماعي، إنما يعزوه “لاش” إلى صعود نخبة العولمة على حساب النخب الوطنية، وفي هذا يقدم توصيفا دقيقا لطبيعة العلاقات السائدة بين المواطنين في ظل العولمة.

 تأثير العمران:

يجد الكاتب في علاقات الجوار بين المناطق السكنية ملمحا مهما في استشفاف الدور الرقابي الاجتماعي الطوعي الذي كان يقوم به رموز المجتمع، بدءًا من البائع في دكانه، إلى الحلاق وصاحب المقهى والشرطي، في خلق نقاشات ذات سمة عفوية حول الشأن العام، والتي على بساطتها تسهم في تقوية الحوارات الديموقراطية، ولعل الهندسة الجديدة خنقت هذا الجو العفوي، في شكل أسواق مسقوفة (مول) بقيام الضاحيات الغنية أطراف المدن أين ينعدم أي حراك اجتماعي.

ويعرض المؤرخ بعض نتائج خيانة الديمقراطية التي تمارسها هذه الطبقة الجديدة في مجالات الأسرة والتعليم والإعلام وغيرها، فيشير إلى “تغييب السياسة”، “اذ تحيل هذه الطبقة العالم إلى رموز من أجل أن تفهمه، ثم تقوم بتحليل هذه الرموز، والنتيجة أن الواقع الفعلي يختفي ويحل الرمز مكانه، ولا يعود أمام الأمريكي العادي إلا أن يفغر فاه ويتابع برامج الحزبين الكبيرين (الفارغين) وهما يطلقان برامج انتخابية لا يتمكن من فك طلاسمهما سوى (محللي الرموز) من أبناء الطبقة الجديدة.” إن غياب السياسة كما يؤكد لاش هو نتيجة طبيعية لغياب الحوار أو تغييبه، لأن وسائل الإعلام تعتمد على تكريس نوع من الحوار الفارغ. إن استطلاعات الرأي تكشف باستمرار عن تدهور معرفة هذا الأمريكي بالقضايا العامة. لقد تم إهمال المواطن العادي، مع أنه هو الموضوع الدائم للحوار بين أهل المعرفة.

ليل الروح الحالك

خصص لاش آخر أجزاء كتابه للروح ومكانة الدين كمصدر أساسي للقيم، حيث يرى أن من الأهمية البالغة إبراز الفارق بين الدين والثقافة والمؤسسات الدينية كدور العبادة والهيئات الدينية وحتى رجال الدين، خاصة أثناء تعاملنا مع مفهومي الخطأ والصواب، “فهذه المؤسسات قد تخطئ وقد تنصب نفسها قيماً على الأخلاق وعلى تحديد الصواب والخطأ. لكن الخطأ يكون بمحاسبة الدين على أخطاء هذه المؤسسات.”

 إلغاء مفهوم العيب:

عام 1981م صدر كتاب “قناع الغيب” ليون ورمسير، وقد تصدر هذا الكتاب حملات النقد اللاذعة التي وجهت لأفكار عالم النفس سيغموند فرويد خاصة، ولمدرسة التحليل النفسي عامة، وتوالت الانتقادات العلمية والتفنيدات الموضوعية لنتائجها، لدرجة تصنيفها ضمن “اللاعلم” إلا أن آثارها لم تمح بتلك السهولة، حيث استطاعت أفكارها أن تتأصل وتتجذر محيلة الثقافة الأمريكية إلى كوارث أخلاقية، ولعل أخطرها: إحلال فكرة “العلاجية” محل الكوابح الذاتية المستمدة من قيم المجتمع ومعتقداته كالشعور بالخجل بارتكاب أمر معيب في معتقدات المجتمع “عيب” أو الشعور بالذنب عند اجتراح خطيئة واعتبار أن الخطايا مسؤولية المجتمع واللجوء إلى الأسلوب “العلاجي” لتخليص الفرد من هذا الشعور واستعادة الثقة بالنفس واحترامها عن طريق إقناعها بأنه ليس ثمة خطأ فيما اقترفت ما خلق ثقافة إباحية لا تخجل من شيء.  يشير لاش الى الطابع الاحتفائي الذي لا يتجاوز مجموعة الطقوس والمراسم ازاء كل ما هو ديني، بينما هدد سلوك الفضيلة بالقضاء على فكرة العيب والشعور بالذنب عند ارتكاب الخطايا والآثام. “إن العلاج النفسي الذي أدار ظهره لمدرسة فرويد ظل وفياً لميراثها في تحطيم المعتقدات الدينية وتنكره لقواعد العفة والطهر وأصبحت وسائل الإعلام لا ترعوي عن عرض كل أمر جارح للشعور والذوق العام والأخلاق دون وجل من أي ردة فعل من الناس” بل أصبحت أوصاف مثل “مخالف للأخلاق” و “همجى” و“منحرف” أحكاما قيمية تصدرها الطبقات المحافظة المتعالية لا غير.

خاتمة

إن العالم الذي توثقت عرى التواصل بين أجزائه بفعل العولمة يتعرض كله الآن لذات المؤثرات التي تتجاوز الحدود والحواجز التقليدية، فليست إشكاليات المجتمع الأمريكي عنا ببعيدة رغم خصوصياتنا الثقافية والحضارية، لقد حملت مؤلفات لاش بين طياتها تنبؤات عصره، فقد أبان عن حدس لامع وبصيرة فذة مكنته من استشراف إشكاليات عصرنا، ورغم أنه لم يحظ بشهرة واسعة ولا باحتفاء خاص، إلا أن إسهاماته الفكرية في تصحيح مسار مجتمعه ألهمت كتابا كثرا بعده، ولازالت حقلا واسعا ومنطلقا قويا لبناء نظرة نقدية علمية للمفاهيم الغربية


1 Nivellement

2 Weltauschaungen

3 La hauteur du Temps

4 L’homme de masse

المراجع

خوسه أورتغا إي غاسيت، تمرد الجماهير

بيتر سينجر، تاريخٌ له غاية، هيجل: مقدمة قصيرة جدًّا، ترجمة محمد إبراهيم السيد

–    Christopher Lasch, « La révolte des élites et la trahison de la démocratie »

–    Christopher Lasch, “The new radicalism in America”

–    Renaud Beauchard, « Christopher Lasch, Un populisme vertueux »

–    Eve Giustiniani, « Un philosophe en exil : José Ortega y Gasset, Entre la Guerre Civile espagnole et la Seconde Guerre mondiale (1936-1945) »