شباب باتنة يكافح كورونا

محمد أمين برجة

« >نحن طلاب الجزائر… نحن للمجد بناة، نحن آمال الجزائر في الليالي الحالكات… نعم، في الليالي الحالكات يبزغ الطلبة كبدر يضيء دهاليزها، وفي الأوقات الصعبة تظهر معادن الرجال وتُصقَل! هاهم رجالات الأوراس، وفي مطلعهم طلبتها يضربون الطاولة بيد من حديد ويقولون نحن لها! بالأمس كنا عمالقة، في الحرب نذل أعادينا، وإنا اليوم عمالقة، في كنف الأزمة نشمّر على ساعدينا!

 مَن مِنَ البلدان، متقدمها ومتخلفها، لم تهد أزمة كورونا كيانه، وتزعزع استقراره، وتظهر ضعفه وقلة حيلته، ويتيقن أن لا سبيل إلى الخروج منها إلا بالاتحاد ووضع اليد في اليد، وشد العضد إلى العضد، إيمانا بما قاله مارتن لوثر كينغ «إما أن نعيش معا كإخوة، أو نموت معا كحمقى».  

ها هي جامعة باتنة، أبت إلا أن تفجر طاقات شبابها وطلبتها، بالتنسيق مع مجموعة نشطاء النادي العلمي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين المسمى : باتنة للوقاية والنشاط، في مبادرة لتصنيع أقنعة واقية لفائدة عمال الصحة (الأطباء والممرضين) على مستوى المؤسسات الصحية الاستشفائية والجوارية. بلغت الحصيلة النهائية لتوزيع هذه الأقنعة على مستوى ولايات الوطن إلى أكثر من 30.000 قناعاً، باستثناء ولايات المدية، بومرداس وتيبازة أين تم إنتاج الأقنعة على المستوى المحلي وذلك لتوفر الإمكانيات لديهم. وقد تم تخصيص 200 قناع طبي لفائدة إخواننا الصحراويين في مخيمات اللاجئين بتندوف.  

 في ذات السياق؛ يجدر الذكر أن الفكرة انطلقت من مخبر الفيزياء التطبيقية بجامعة باتنة 1 أين أشرف البروفيسور بلقاسم نور الدين عدوان وزين الدين زمورة أستاذ الهندسة المعمارية بذات الجامعة وخريج معهد الهندسة المعمارية بجامعة باتنة 1، مع مشاركة مجموعة من الطلبة، على الطباعة ثلاثية الأبعاد للنموذج الأول لحلقة القناع (la couronne du masque)، التي استغرقت 7 ساعات كاملة، وهو ما أدى بالفريق إلى البحث عن طريقة أكثر فعالية لتسريع عملية الإنتاج، فاتصلوا بمؤسسة MOULDING SMS التي أشرفت على صناعة قالب وفقا لنموذج الطباعة الثلاثية، ليقوم بعد ذلك أحد المحسنين من رجال الأعمال بولاية باتنة بالتكفل بالحقن البلاستيكي في القالب.

فقام المتطوعون الذين فاق عددهم 30 من طلبة جامعيين ونشطاء من فريق باتنة للوقاية والنشاط فرع لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين باتنة بتركيب القناع المكون من حلقة الرأس، غلاف بلاستيكي مثقوب وفقا لنموذج الحلقة والمطاط المُثبِّت، في أغلفة معقمة وتعليبها ليتم شحنها لمختلف ولايات الوطن، وقد تكفلت شعب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين على المستوى الوطني بتوزيع ال 30.000 قناع على المستشفيات.  

 ودائما في إطار مقاومة فيروس كورونا، لم يتوانَ فريق باتنة للوقاية والنشاط في تقديم يد العون، ففي غضون أسبوع قاموا بإنجاز قرابة 11.000 قارورة مطهر لليدين (أكثر من 700 لتر)، سلمت مجانا للمستشفيات، سلك الأمن، الحماية المدنية، الجمعيات ومجموعات التطوع على مستوى باتنة وبعض الادارات التي هي على اتصال مباشر مع المرضى.

 وحتى نقول للذي أحسن أحسنت، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، حري بنا كأدنى عرفان من مجلتنا أن نتقدم لهم بالشكر الجزيل ونعرّف بمبادرتهم وبنشاطهم، ففريق باتنة للوقاية والنشاط هو مجموعة من الباحثين والأكاديميين والنشطاء الجزائريين في مختلف المجالات والتخصصات، يسعون لتجميع المعلومات الدقيقة والصحيحة وتقديمها للجمهور خلال الأزمات، من أجل الاستخدام الأمثل لها، وقاية من الشائعات والمغالطات لنتمكن جميعا من اتخاذ القرارات الصائبة والتحركات الميدانية الفعالة.  

كما نريد أن نتقدم بالشكر و العرفان لكل الجمعيات ولجميع المتطوعين الذين ساهموا ولايزالون يساهون سواء عن بعد أو بقرب في التصدي لهذا الوباء جنبا بجنب مع الأطقم الطبية في وطننا الجزائر. ولم نجد أفضل ما نختم به مما قاله روبرت شيلر: « الأوقات الصعبة لا تدوم لكن الأشخاص الأقوياء يدومون. »